مدة نوم الزرافة وأسبابها

كم تنام الزرافة؟

الزرافة، ذلك الحيوان الفريد الذي يُعتبر الأطول بين جميع الكائنات البرية على وجه الأرض، يعد أحد المخلوقات المدهشة في المملكة الحيوانية. تمتاز الزرافة بجسمها الطويل ورقبتها التي تصل إلى أبعاد كبيرة، ما يجعلها قادرة على الوصول إلى أوراق الأشجار العالية، ولكن ما قد يثير الاهتمام أيضًا هو عادات نوم الزرافة، التي تختلف بشكل كبير عن تلك التي نراها في العديد من الحيوانات الأخرى. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل حول سلوك نوم الزرافة، ومدة نومها، وأسباب هذه المدة، بالإضافة إلى بعض الجوانب الأخرى التي تميزها في هذا الصدد.

النوم في عالم الزرافات

الزرافة هي إحدى الحيوانات التي تتبع نمط نوم غير تقليدي، ويظهر ذلك بوضوح عند مقارنة مدة نومها بالحيوانات الأخرى. في المتوسط، تنام الزرافة حوالي 4.5 ساعات فقط في اليوم. هذه المدة تعتبر قليلة جدًا إذا ما قورنت ببقية الثدييات. يُعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى طبيعة الحياة التي تعيشها الزرافة، خاصة فيما يتعلق بالتهديدات المستمرة من الحيوانات المفترسة مثل الأسود، والتي تتطلب يقظة شبه دائمة.

لماذا تنام الزرافة لفترات قصيرة؟

واحدة من أكبر السمات التي تميز نوم الزرافة هي أن لديها أقصر فترة نوم مقارنة بالكثير من الحيوانات الأخرى. في الطبيعة، يُعتبر النوم لفترات طويلة مخاطرة كبيرة، خاصة بالنسبة للحيوانات التي تكون فريسة لعدد من الحيوانات المفترسة. الزرافة تُمضي الكثير من وقتها في البحث عن الطعام، وخصوصًا في الغابات والمناطق السافانا التي قد تكون مليئة بالتهديدات. لذلك، من المنطقي أن تطور الزرافة نومًا قصيرًا ومتقطعًا بحيث تبقى في حالة استعداد لمواجهة أي خطر.

كما أن الزرافات تنام على فترات قصيرة ومتفرقة، أي أن كل فترة نوم لا تستمر لأكثر من 30 دقيقة في المرة الواحدة، مما يساعدها على البقاء منتبهة لمحيطها. يعتقد العلماء أن الزرافة تفضل النوم جالسة، لكنها قد تستلقي على الأرض في بعض الحالات.

سلوك النوم والتوقيت

تتميز الزرافات بسلوك نوم غير منتظم إلى حد ما. تُظهر الأبحاث أن الزرافة تفضل النوم في الليل، حيث تميل إلى أن تكون أكثر استرخاءً، لكن في كثير من الأحيان يظل النشاط البدني مستمرًا خلال النهار أيضًا. في بعض الأحيان، قد تستريح الزرافة أثناء النهار لفترات قصيرة، خاصة في حال كانت تضع رأسها على فخذها أو في وضعية شبه مستلقية.

وعادةً ما تختار الزرافة أماكن آمنة للنوم أو الراحة، مثل المناطق المظلمة أو بين الأشجار التي توفر لها غطاءً إضافيًا يحميها من المفترسات. هناك دلائل على أن الزرافة قد تنام وهي مستندة إلى شيء ما مثل شجرة أو صخرة، مما يساعدها على البقاء في حالة تأهب. هذا السلوك يُعتبر جزءًا من آلية البقاء على قيد الحياة في بيئاتها الطبيعية.

النوم أثناء الوقوف

الزرافة قادرة على النوم أثناء الوقوف، وهو ما يميزها عن بعض الحيوانات الأخرى التي تحتاج إلى الاستلقاء لتأخذ قسطًا من النوم. هذه القدرة على الوقوف أثناء النوم تساعد الزرافة على الحفاظ على اليقظة والقدرة على الهروب في حالة وجود تهديد. في الواقع، يُعتقد أن الزرافة تنام في وضع الوقوف في أغلب الأحيان، ولكن إذا شعرت بالأمان أو كانت في بيئة أكثر هدوءًا، قد تستلقي لفترات قصيرة.

حركة العين أثناء النوم

تمتلك الزرافة نوعين من النوم: نوم حركة العين السريعة (REM) والنوم غير الحركي. خلال نوم حركة العين السريعة، تحدث الأحلام والتغيرات في النشاط الدماغي. يُلاحظ أن الزرافة تدخل في هذا النوع من النوم في فترات قصيرة جدًا، وعمومًا لا تستمر هذه الفترات أكثر من دقائق معدودة. من المثير للاهتمام أن هذه الحيوانات لا تدخل في مراحل عميقة من النوم لفترات طويلة، مما يشير إلى أن سلوك نومها يمكن أن يكون مرتبطًا بدرجة كبيرة بالاحتياجات البيئية والتهديدات التي قد تواجهها.

اختلافات بين الذكور والإناث في النوم

بينما لا توجد فروق كبيرة في مدة النوم بين الذكور والإناث من الزرافات، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن الإناث قد تكون أكثر عرضة لأخذ فترات نوم قصيرة جدًا مقارنة بالذكور. يُعتقد أن الإناث تحتاج إلى مزيد من اليقظة بشكل عام، خصوصًا في فترات التكاثر والعناية بالصغار. من ناحية أخرى، قد تسترخي الذكور أكثر عند توافر بيئة آمنة، إذ أنهم لا يتحملون المسؤولية نفسها تجاه الأبناء مثل الإناث.

سلوك النوم في الأسر مقابل البرية

في بيئاتها الطبيعية، تواجه الزرافات العديد من التحديات، مثل البحث عن الطعام وحماية أنفسها من الحيوانات المفترسة. أما في الأسر، حيث لا توجد هذه التهديدات، فقد يختلف سلوك النوم قليلاً. في الأسر، حيث تكون الزرافة في بيئة أكثر أمانًا، قد تستغرق فترات أطول في النوم أو الراحة، وذلك بسبب قلة التوتر البيئي.

إلا أن سلوك النوم الزرافات في الأسر لا يزال يعكس في جزء كبير منه سلوك النوم في البرية، ويظهر ذلك في نومها المتقطع ومدة النوم القصيرة نسبيًا.

التأثيرات البيئية على نوم الزرافة

تؤثر البيئة المحيطة بالزرافة بشكل كبير على أنماط نومها. في بيئات تتمتع بتنوع بيئي غني، حيث يوجد العديد من الأشجار والنباتات، قد يكون لدى الزرافة فرص أكبر للنوم أو الراحة. أما في البيئات الجافة والصحراوية، حيث يكون الطعام محدودًا والمفترسات أكثر انتشارًا، فإن الزرافة قد تقلل من وقت نومها وتظل أكثر يقظة في حال كانت هناك تهديدات محتملة.

التأقلم مع الحياة الليلية

من المعروف أن الزرافات غالبًا ما تكون أكثر نشاطًا في ساعات الفجر أو الغروب، حيث تكون الظروف البيئية أكثر برودة، وبالتالي يمكنها الاستفادة من هذه الأوقات للبحث عن الطعام. خلال هذه الفترات، قد تختار الزرافة فترات نوم قصيرة أو متقطعة لتتمكن من التفاعل مع بيئتها بشكل أكثر فاعلية.

خلاصة

تُظهر الزرافة سلوكًا فريدًا في نومها يتسم بالقصور، ويختلف عن الأنماط التقليدية التي نراها في العديد من الثدييات الأخرى. مدة نوم الزرافة قصيرة جدًا، وتقتصر في الغالب على 4.5 ساعات يوميًا. تتأقلم الزرافات مع بيئاتها الطبيعية التي تفرض عليها مستوى عالٍ من اليقظة المستمرة، مما يساهم في تقليل فترات النوم المتواصلة. على الرغم من أن سلوك نوم الزرافة قد يتغير بين الأسر والبيئة البرية، إلا أن لديها عادات نوم تتناسب مع احتياجاتها البيئية وطرق البقاء على قيد الحياة.